سامي عضو نشيط
عدد المساهمات : 55 نقاط : 5201091 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 29/08/2010
| موضوع: فلسطين قبل الاسلام؟ الجمعة أكتوبر 08, 2010 7:22 am | |
| سكن الإنسان أرض فلسطين منذ العصور الموغلة في القدم، وهناك آثار تعود إلى العصر الحجري القديم (500 ألف – 14 ألف ق.م)، والعصر الحجري الوسيط (14 ألف – 8 آلاف ق.م) حيث يطلق على هذا العصر في فلسطين الحضارة النطوفية نسبة إلى مغائر النطوف شمال القدس، وأصل النطوفيين غير معروف حتى الآن وتركزت حضارتهم على الساحل وعاشوا في المغائر والكهوف كمغائر جبل الكرمل . وفي العصر الحجري الحديث (8000 – 4500 ق.م) انتقلت حياة الإنسان في فلسطين إلى الاستقرار، وتحول من جمع الغذاء إلى إنتاجه، وفي أريحا ظهرت أول الدلائل على حياة الاستقرار، وهي تعتبر – حتى الآن – أقدم مدن العالم حيث أنشئت نحو 8000 ق.م. وامتد العصر الحجري النحاسي من (4500 – 3300ق.م)، وقد كشف عن مواقع حضارية أثرية تعود إلى تلك الفترة في منطقة بئر السبع، وبين جبال الخليل والبحر الميت، والخضيرة على السهل الساحلي . وتميزت بداية الألف الثالث قبل الميلاد بظهور الإمبراطوريات القديمة في الشرق، وقد رافق ذلك التوصل إلى الكتابة والبدء بتدوين التاريخ، ومن هنا تبدأ العصور التاريخية في فلسطين . ويطلق على الفترة الممتدة من (3300 – 2000 ق.م) اسم العصر البرونزي القديم، وقد تميزت هذه الفترة بظهور المدن التحصينية الدفاعية التي قامت على هضاب مرتفعة، وانتشرت بأعداد كبيرة، وكانت غالبيتها في وسط وشمال فلسطين، ومن أهم المواقع بيسان ومجدو والعفولة ورأس الناقورة وتل الفارعة غرب نابلس. وفي الألف الثالث قبل الميلاد زاد عدد سكان فلسطين ونمت المدن وأصبح لها قوة سياسية واقتصادية مما يمكن تسميته عصر "دويلات المدن" . وخلال الألف الثالث قبل الميلاد هاجر إلى فلسطين العموريون (الأموريون) والكنعانيون، وكذلك اليبوسيون والفينقيون (وهما يعتبران من البطون الكنعانية)، وعلى ما يظهر فقد كانت هجرتهم إلى فلسطين حوالي 2500 ق.م، حيث استقر الكنعانيون في سهول فلسطين، وتركز العموريون في الجبال، واستقر اليبوسيون في القدس وما حولها وهم الذين أنشأوا مدينة القدس وأسموها "يبوس" ثم "أورسالم"، أما الفينيقيون فاستقروا في الساحل الشمالي لفلسطين وفي لبنان . ويرى ثقات المؤرخين أن العموريين والكنعانيين واليبوسيين والفينيقيين قد خرجوا من جزيرة العرب وأن سواد أهل فلسطين الحاليين وخاصة القرويين هم من نسل تلك القبائل والشعوب القديمة أو من العرب والمسلمين الذين استقروا في البلاد إثر الفتح الإسلامي لها . لقد كانت هجرة الكنعانيين واسعة في تلك الفترة بحيث أصبحوا السكان الأساسيين للبلاد، واسم أرض كنعان هو أقدم اسم عرفت به أرض فلسطين، وقد أنشأ الكنعانيون معظم مدن فلسطين، وكان عددها – حسب حدود فلسطين الحالية – لا يقل عن مائتي مدينة خلال الألف الثاني قبل الميلاد وقبل قدوم العبرانيين اليهود بمئات السنين. ومن المدن القديمة فضلاً عن أريحا والقدس مدن شكيم (بلاطة، نابلس) وبيسان وعسقلان وعكا وحيفا والخليل وأسدود وعاقر وبئر السبع وبيت لحم . فلسطين في عهد العرب الكنعانيين
جاء العصر البرونزي الوسيط (2000 – 1550 ق.م) حيث شهد النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد حكم الهكسوس الذين سيطروا على فلسطين خلال القرون (18 –16ق.م) وعلى ما يظهر ففي هذا العصر (حوالي 1900ق.م) قدم إبراهيم عليه السلام ومعه ابن أخيه لوط عليه السلام إلى فلسطين وهناك ولد إسماعيل وإسحاق ويعقوب عليهم السلام . وبدأ العصر البرونزي المتأخر (1550 – 1200) بانزواء حكم الهكسوس ودخول فلسطين تحت سيطرة الحكم المصري المطلق، أما العصر الحديدي (1200 – 320ق.م) فيظهر أنه في بدايته (1200 ق.م تقريباً) استقبلت فلسطين مجموعات مهاجرة من مناطق مختلفة أبرزها هجرات "شعوب البحر" التي يظهر أنها جاءت من غرب آسيا ومن جزر بحر إيجه (كريت وغيرها) وقد هاجمت هذه الشعوب في البداية سواحل الشام ومصر ولكن رعمسيس الثالث فرعون مصر صدها عن بلاده في معركة بلوزيون "قرب بور سعيد" وأذن لها أن تستقر في الجزء الجنوبي من فلسطين، وورد في النقوش الأثرية اسمها "ب ل س ت "، ومنها جاءت تسميتهم "فلسطيون" ثم زيدت النون إلى اسمهم (ربما على اعتبار الجمع) فأصبحوا فلسطينيين وقد أقام الفلسطيون خمس ممالك هي مدن غزة وأشدود وجت وعقرون وعسقلان وهي مدن المرجح أنها كنعانية قديمة غير أنهم وسعوا ونظموها ثم أنشاوا مدينتين جديدتين هما اللد وصقلغ، واستولوا على بقية الساحل حتى جبل الكرمل كما استولوا على مرج ابن عامر، وسرعان ما اندمج الفلسطيون بالكنعانيين واستعملوا لغتهم وعبدوا آلهتهم (داجون وبعل وعشتار)، ورغم أن الفلسطيين ذابوا في السكان إلا أنهم أعطوا هذه الأرض اسمهم فأصبحت تعرف بفلسطين . ويظهر من الدلائل التاريخية المقارنة أن موسى عليه السلام قاد بني إسرائيل باتجاه الأرض المقدسة في النصف الأخير من القرن 13 ق.م أي أواخر العصر البرونزي المتأخر، الذي شهد هو وبداية العصر الحديدي بداية الدخول اليهودي إلى فلسطين، ثم قيام مملكة داود وسليمان عليهما السلام 1004 – 923 ق.م التي انقسمت إلى مملكة إسرائيل 923 – 722 ق.م ومملكة يهودا 923 – 586 ق.م والتي حكمت كل منها جزءاً محدوداً من أرض فلسطين. ومنذ 730 ق.م دخلت فلسطين بشكل عام تحت النفوذ الآشوري القادم من العراق حتى 645 ق.م ثم ورثهم البابليون في النفوذ حتى 539 ق.م، وكان الآشوريون والبايليون يتداولون النفوذ على فلسطين مع مصر. ثم إن الفرس غزوا فلسطين وحكموها 539 – 332 ق.م. ثم دخلت فلسطين في العصر الهلينستي اليوناني حيث حكمها البطالة حتى 198 ق.م ورثهم السلوقيون حتى 64ق.م عندما جاء الرومان وسيطروا على فلسطين، وبعد انقسام الإمبراطورية الرومانية ظلت فلسطين تتبع الإمبراطورية الرومانية الشرقية "دولة الروم" وعاصمتها القسطنطينية حتى جاء الفتح الإسلامي وأعطاها صبغتها العربية الإسلامية سنة 636م . دولة الحق ومسيرة الأنبياء على الأرض المقدسة كان إبراهيم عليه السلام أول الأنبياء الذين نعلم أنهم عاشوا في فلسطين وماتوا فيها، وإبراهيم عليه السلام هو أبو الأنبياء فمن نسله جاء الكثير من الأنبياء كإسحاق ويعقوب ويوسف وإسماعيل ومحمد عليهم أفضل الصلاة والسلام . ولد إبراهيم عليه السلام – حسبما ورد من آثار – في "أور" في العراق وعاش هناك ردحاً من الزمن حيث قام بتحطيم الأصنام ودعا إلى التوحيد وواجه النمرود وألقمه الحجة، وألقي في النار عقاباً له على تحطيم الأصنام فجعلها الله عليه برداً وسلاماً، وهاجر إبراهيم ومعه ابن أخيه لوط في سبيل الله، {وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين} . ويظهر أن إبراهيم في البداية هاجر ومن معه إلى حران (الرها) وهي تقع الآن في جنوب تركيا إلى الشمال من سوريا، ومن هناك هاجر إلى أرض كنعان "فلسطين"، قال تعالى {ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين}، وحسب تقدير المؤرخين فإن قدومه إلى فلسطين كان حوالي 1900ق.م وكان هذا التاريخ بالنسبة لتاريخ العراق القديم يمثل نهاية عهد "أور الثالثة" التي حكمها السومريون وبداية العصر البابلي القديم الذي سيطرت فيه العناصر السامية القادمة من جزيرة العرب "العموريون" . نزل إبراهيم عليه السلام في شكيم قرب نابلس ومنها انتقل إلى جهات رام الله والقدس ومر بالخليل ثم ببئر السبع حيث استقر حولها زمناً ثم ارتحل إلى مصر، وكان ذلك يوافق تقريباً عهد الأسرة الحادي عشر أو الثاني عشر لفراعنة مصر، وعاد من مصر ومعه "هاجر" التي أهداها الزعيم المصري، وذكر في رواية أنها ابنة فرعون أو إحدى الأميرات، ثم عاد إلى فلسطين فمر بجوار غزة حيث التقى أبا مالك أمير غزة، ثم تجول بين بئر السبع والخليل، ثم صعد إلى القدس، ثم إن لوطاً عليه السلام انتقل إلى جنوب البحر الميت حيث أرسل لأهل تلك المنطقة، بينما مكث إبراهيم عليه السلام في جبال القدس والخليل، وقد ولد إسماعيل عليه السلام لإبراهيم من زوجته هاجر، ثم رزق بإسحاق بعد ذلك بثلاثة عشر عاماً من زوجته سارة، ويبدو أن إبراهيم رزق بأبنائه وهو في سن كبيرة نستشف ذلك من قوله تعالى على لسان سارة {يا ويلتا أآلد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً}. ويبدو أن إبراهيم عليه السلام تردد على الحجاز أكثر من مرة، فقد أحضر إسماعيل وأمه هاجر إلى مكة وقصة سعي هاجر بين الصفا والمروة وتفجر ماء زمزم مشهورة، ثم إن إبراهيم عاد فبنى مع إسماعيل الكعبة {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم}. غير أن مركز استقرار إبراهيم ظل فلسطين، وفيها توفي حيث دفن في مغارة المكفيلة قرب "الخليل" وهي المدينة التي سميت باسمه عليه السلام. وقيل إنه عمّر 175 سنة . عاصر إبراهيم عليه السلام حاكم القدس "ملكي صادق" وكان على ما يبدو موحداً وكان صديقاً له، وفي تلك الفترة كان المؤمنون بالله قلة نادرة، فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم قال لزوجته سارة عندما أتى على جبار من الجبابرة "ليس على الأرض مؤمن غيري وغيرك"، ويظهر أن ذلك حدث عندما ذهبا لمصر، ولعلنا نستشف هذا المعنى من قوله تعالى {إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله}. وعلى كل حال فإن أبا الأنبياء إبراهيم الخليل كان رسولاً من أولي العزم من الرسل، وكان له دوره الدعوي في نشر رسالة التوحيد في فلسطين حيث كان يؤسس المساجد ويقيم المحاريب لعبادة الله في كل مكان ذهب إليه. ويظهر أنه لم يجد عناء أو عنتاً من أهل فلسطين ولم يضطر لتركها بسبب دينه ودعوته فظل مستقراً يتنقل بحرية فيها حتى توفاه الله . أما لوط عليه السلام فقد استقر جنوب البحر الميت حيث أرسل إلى قرية "سدوم" وهؤلاء كانوا يفعلون الفاحشة بالرجال "اللواط" وقد نهاهم لوط عن هذا فأعرضوا واستكبروا فانتقم الله منهم فجعل عاليها سافلها وأمطر عليهم حجارة من سجيل {ولوطاً إذ قال لقومه أتاتون الفاحشة ما سبقكم بها من العالمين، إنكم لتأتون الذكران شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون، وما كان جواب قومه إلا أن قالوه أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون، فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين، وأمطرنا عليهم مطراً فانظر كيف كان عاقبة المجرمين}، {فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود، مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد} . ويشير القرآن الكريم إلى أن إبراهيم عليه السلام قد عاصر رسالة لوط وهلاك قومه. فقد جاءه الملائكة وبشروه بإسحاق واخبروه بأنهم مرسلون لتدمير قوم لوط فقال لهم {إن فيها لوطاً قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينّه وأهله إلا امرأته . . }، وهكذا نصر الله سبحانه رسوله لوطاً وطهر أرضه المباركة من {القرية التي كانت تعمل الخبائث}، وجاءت البشرى لإبراهيم بإسحاق ليحمل راية التوحيد من بعده على الأرض المباركة وليتواصل انتشار النور الإلهي فيها . وعاش إسحاق في أرض فلسطين ورزقه الله سبحانه يعقوب عليه السلام "إسرائيل" والذي يعتبره اليهود أباهم، وكان إسحاق ويعقوب منارات للهدى بعد إبراهيم عليه السلام، وانظر إلى البيان القرآني في إيجازه وروعته {ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاً جعلنا صالحين، وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين} . ولد يعقوب عليه السلام في القرن 18 ق.م (حوالي 1750ق.م) في فلسطين، غير أنه هاجر على ما يظهر إلى حران "الرها" وهناك تزوج له أحد عشر ابناً منهم يوسف عليه السلام بينما ولد ابنه الثاني عشر بنيامين في أرض كنعان "فلسطين" وقد رجع يعقوب عليه السلام وأبناؤه إلى فلسطين وسكن عند "سعيّر" قرب الخليل، وقصته وقصة ابنه بوسف مشهورة ومفصلة في سورة يوسف من القرآن الكريم. وهي التي تحكي تآمر إخوة يوسف على يوسف وإلقاءه في البئر واكتشاف قافلة له وبيعهم إياه في مصر، حيث شبّ هناك ودعا إلى الله وصمد أمام فتنة النساء وصبر في السجن حتى أكرمه الله بأن يوضع على خزائن مصر بعد تأويله الرؤيا وثبوت براءته. ثم إن يوسف استقدم أباه يعقوب وإخوته إلى مصر حيث رد الله البصر إلى يعقوب بعد أن ابيضت عيناه على فراق يوسف، كما عفا يوسف عن إخوته، وتذكر بعض الروايات أن يعقوب عاش في مصر 17 سنة غير أن دفن عليه السلام إلى جوار جده وأبيه إبراهيم وإسحاق في الخليل . ويبدو أن تلك الفترة التي عاش فيها يعقوب وأبناؤه في مصر كانت توافق حكم الهكسوس لمصر وهم أصلاً من غير المصريين، ويمثل حكمهم الأسرتين 15 و 16 من الأسر التي حكمت مصر، واللتين امتد حكمهما لمصر من 1774 – 1567 ق.م . وعلى كل حال، يظهر أن يوسف وإخوته أبناء يعقوب "إسرائيل" نعموا بحرية العمل والعبادة في مصر وكان لهم دورهم في الدعوة إلى التوحيد، غير أن الأمر لم يستمر على حاله في أجيالهم المتعاقبة، فوقع بنو إسرائيل تحت الاضطهاد الفرعوني حتى أرسل الله موسى عليه السلام إلى فرعون لإخراج بني إسرائيل منها إلى الأرض المقدسة . بنو إسرائيل بعد موسى عليه السلام لقد كان بنو إسرائيل في تلك الفترة هم أهل الحق وحملة راية التوحيد، وكان فرعن مصر في ذلك الزمان متكبراً متعجرفاً يدعي الألوهية، وكان مفسداً يضطهد بني إسرائيل فيذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين}، وقد ولد موسى عليه السلام في هذا الجو وتربى في بيت فرعون في تدبير رباني محكم، وقصة موسى ونشأته ودعوته لفرعون وخروجه ببني إسرائيل وهلاك فرعون أشهر من أن تروى . قدر الله سبحانه أن يعطي تلك الفئة المؤمنة في ذلك الزمان أرض فلسطين {ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} . وأرسل موسى عليه السلام إلى فرعون بهذا الأمر، يعاونه في ذلك أخوه هارون الذي بعث رسولاً أيضاً {وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين، حقيق على ألا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل}، غير أن فرعون يأبى ويتكبر ولا يؤمن بالآيات والمعجزات التي جاء بها موسى، ويؤمن السحرة الذين حشدهم فرعون بدعوة موسى، ويسقط في يد فرعون، ويبدو أن الذين أظهروا إيمانهم وانضموا إلى بني إسرائيل كانوا عدداً محدوداً من أولاد وفتيان بين إسرائيل وكان إيمانهم مقروناً بخوف من أن يفتنهم فرعون {فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين}. ثم إن موسى عليه السلام قاد من آمن من قومه شرقاً فأتبعهم فرعون وجنوده، وحدثت قصة انشقاق البحر وإنقاذ الله سبحانه لبني إسرائيل وهلاك فرعون وجنوده {فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم، وأزلفنا ثم الآخرين، وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين} . ونقف هنا عند بعض الآراء والروايات التاريخية التي يظهر منها أن عدد من خرج مع موسى من مصر كان حوالي ست آلاف فقط أو خمسة عشر آلفاً على بعض الروايات. أما تلك الفترة من الناحية التاريخية فكانت على ما يبدو خلال القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وكان خروج بني إسرائيل من مصر تحديداً في حوالي الثلث الأخير من ذلك القرن. وهي فترة توافق حكم "رعمسيس الثاني" المشهور في هذا العصر بـ"رمسيس الثاني"، ومن تقدير الله أن جثة هذا الفرعون معروضة في أحد المتاحف المصرية الآن، وهذا يذكرنا بقوله سبحانه {فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية، وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون} . وبعد إنقاذ الله سبحانه لبني إسرائيل تبرز فصول معاناة موسى وهارون معهم، ويظهر من صفات هؤلاء ضعف الإيمان والجهل والجبن، فمن كادوا يخرجون من البحر حتى أتوا على قوم يعبدون أصناماً، {قولوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة !!!}، ثم عندما يذهب موسى لميقات ربه يعبد قومه العجل رغم وجود هارون بينهم !! {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً جسداً له خوار}، {فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي}، وكادوا يقتلون هارون عندما نهاهم عن كفرهم وهو الذي قال لأخيه موسى {إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني} وغيرها من المواقف . ثم يقود موسى بني إسرائيل باتجاه الأرض المقدسة ويقول لهم {يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين}، ولكنهم يختارون الارتداد على أدبارهم، {قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون}، ولا ينفع فيهم النصح فيكررون، {قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فأذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون}، ويعلق سيد قطب رحمه الله على موقف بني إسرائيل هذا فيقول :"إن جبلة يهود لتبدو هناك على حقيقتها، مكشوفة بلا حجاب ولو رقيق من التجمل، إن الخطر ماثل قريب، ومن ثم لا يعصمهم منه حتى وعد الله لهم بأنهم أصحاب الأرض، وأن الله قد كتبها لهم، فهم يريدونه نصراً رخيصاً، لا ثمن فيه، ولا جهد فيه، نصراً مريحاً يتنزل عليهم تنزل المن والسلوى" . . "وهكذا يحرج الجبناء فيتوقحون، ويفزعون من الخطر أمامهم، هكذا في وقاحة العاجز لا تكلفه وقاحة اللسان إلا مد اللسان"، {فأذهب أنت ربك!} فليس بربهم إذا كانت ربوبيته ستكلفهم القتال، {إنا ها هنا قاعدون}، لا نريد ملكاً، ولا نريد عزاً، ولا نريد أرض الميعاد، ودونها لقاء الجبارين، هذه هي نهاية المطاف بموسى عليه السلام، نهاية الجهد الجهيد، والسفر الطويل، واحتمال الرذالات والانحرافات والالتواءات من بين إسرائيل ! __________________ إن الكنعانيين العرب, هم أول شعب عرفه التاريخ ممكن سكن فلسطين ولذلك يقول أحد العلماء التاريخ" إن رأي الفقهاء الأكفاء من أهل الخبرة والمعرفة, إن فلاحي فلسطين الناطقين بالعربية هم أخلاف القبائل الوثنية التي كانت تعيش هناك قبل الغزو الإسرائيلي, وظلت أقدامهم ثابتة في التربة منذ ذلك التاريخ"إن رأي الفقهاء الأكفاء من أهل الخبرة والمعرفة, إن فلاحي فلسطين الناطقين بالعربية هم أخلفا القبائل الوثينة التي كانت تعيش هناك قبل الغزو الإسرائيلي, وظلت أقدامهم ثابتة في التربة منذ ذلك التاريخ". فمنذ أقدم العصور, كانت شعوب الجنس السامي, تسكن فلسطين بعد أن انتقلت إلى سورية والجزء الجنوبي منها_فلسطين_في سلسلة طويلة من الهجرات. وكانت أول هذه الهجرات سنة 3500 ق.م. التي اتجهت من شبه الجزيرة العربية إلى نحو الشمال الشرقي وعلى هذا فان العرب يوجدون في فلسطين منذ خمسة آلاف سنة على الأقل. إلا أن الهجرة الكنعانية هي أقدم الهجرات الني نعرفها يقينا, وكانت موجتها الأولى تشمل الفينيقيين الذين توغلوا حتى أقصى الغرب. ولذلك تسمى التوراة القبائل التي عاشت غربي نهر الأردن, بالكنعانيين, وهذا اعتراف صريح من كتاب اليهود المقدس. وقد كانت هذه الهجرة منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد. والكنعانيون شعب سامي عربي, من العرب البائدة وهم فروع وقبائل متعددة, منهم" البيبوسيون" الذين كانت عاصمتهم مدينة القدس وهم بناتها كما سيأتي بعد قليل, ومنهم العمالقة. قم سيطر الفلسطينيون, على بعض السواحل السورية في أوائل القرن الثاني عشر قبل الميلاد, ومنها هاجموا مصر في عهد رعمسيس الثالث 1198_1166 قبل الميلاد. أحد ملوك السلاسلة العشرين المصرية, وقد بدت في بادئ الأمر صعوبة مقاومتهم لتفوقهم في أساليب القتال ومعداتهم الحربية. ولكن رعمسيس أعد جيشا كبيرا وتمكن من صدهم في معركة بحرية نشبت حوالي 1191 ق.م فاتجهوا نحو الساحل الكنعاني الجنوبي في القسم الذي يمتد من غزة جنوبا الى اسفل يافا شمالا. وعندما كانت فلسطين عامرة بالكنعانيين واليبوسيين العرب, جاء الغزو اليهودي في نحو القرن الثاني عشر ق.م وقدم هؤلاء من مصر ووجدوا مقاومة عنيفة من الكنعانيين ولم يستطيعوا انتزاع السيطرة على المدن الكنعانية ومع مرور الزمن ضعف شأن القبائل الكنعانية, فسهل على اليهود اقتحام معاقلهم. ولم يستطعيوا انتزاع السيطرة من المدن الكنعانية ومع مرور الزمن ضعف شأن القبائل الكنعانية, فسهل على اليهود اقتحام معاقلهم, ولم يستطيعوا أن يقيموا لهم ملكا إلا عندما تولى داود أمرهم حوالي سنة 1000_961 ق.م وامتلأ قلي اليهود حقدا على الكنعانيين لأنها كما تقول التوراة " يلاقوكم بالخبز ولاماء في الطريق عند خروجكم من مصر" و توالت على فلسطين بعد ذلك عهود من الغزو والسيطرة السياسية ففي أيام الملك سنحاريب الاشوري" غزا الآشوريون فلسطين وفتكوا بمملكة اليهود في القدس, ثم جاء الكلدانيون, وغزوا مملكة اليهود تحت زعامة" نبوخذ نصر" وقضى على دولتهم سنة 5668ق.م, وهدم هيكل سليمان وأسر منهم خلقا كثيرا وأخذهم الى بايل, وعندما قضى الفرس على الكلدانيين. واستعانوا باليهود للاغارة على فلسطين ودخول مصر. ثم جاء اليونان فطردوا الفرس في عهد الاسكندر سنة 332ق.م وفي عام 63 ق.م استولى الرومان على القدس, وأخضعوا سوريا وفلسطين وهدموا أورشليم, وعندما آمن الرومان بالمسيحية أعادوا بناء القدس وبنوا كنيسة القبر المقدس وكنيسة القيامة. وفي كل هذه العهود التي تم فيها غزو فلسطين لم يكن يصحب الغزو هجرة شعبية وانما كانوا يكتفون بأن تكون البلاد خاضعة لحكمهم عن طريق الموالاة أو الحمايات العسكرية, وبقي سكان فلسطين الأصليون في ديارهم. الى أن جاء العرب المسلمون سنة 636م/ 5هـ وطردوا المستعمرين الرومان, وعادت البلاد الى أهلها العرب, يحكمها أهلها العرب ودان أهل البلاد بالإسلام. وعندما جاء الفتح العربي لم تكن البلاد خالية من السكن وانما عامرة بأهلها من أعقاب العرب الكنعانيين الذين سكنوا فلسطين في الأزمنة الغابرة وما يقال أن العرب الفلسطينيين هم من أعقاب الفاتحين فقط ليس صحيحا والدليل على ذلك أخبار الفتوح التي تتحدث عن فتح المدن فلسطين, وطريقة فتحها والشروط التي عقدت مع أهلها, والدليل على ذلك أيضا, عشرات العائلات العربية التي بقيت على ديانتها المسيحية, وهم من أحفاد العرب القدماء الذي اعتنقوا المسيحية في العد الروماني. فالعرب الذين جاؤوا من الجزيرة العربية بعد الاسلام, لم يكونوا غزاة مغتصبين, وانما كانوا محررين لاخونهم من الاستعمار الأجنبي. وسكان فلسطين العرب في العصر الحديث لم يكونوا هم الذين دخلوا مع الفتح العربي الإسلامي وانما هم سكان البلاد الأصليون وان كان ذلك لا يمنع من امتزاجهم بغيرهم نتيجة الهجرات المتتالية | نتابع
|
|
| |
|
سامي عضو نشيط
عدد المساهمات : 55 نقاط : 5201091 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 29/08/2010
| موضوع: فلسطين قبل الاسلام؟ الجمعة أكتوبر 08, 2010 7:24 am | |
| أهمل مؤرّخو الغرب المتخصصون في تاريخ الشرق الأدنى القديم و حضارته ، دراسة التاريخ الفلسطيني ، و لم يخصّصوا في دراستهم الخاصة بشعوب الشرق الأدنى القديم أي ذكرٍ خاصٍ بتاريخ الفلسطينيين في شكل عمل مستقل ، أو حتى في شكل فصل مستقل من فصول الدراسة .
و هذا الإهمال مقصود لذاته بسبب سيطرة المؤرّخين اليهود و الصهاينة على مجال الكتابة التاريخية عن فلسطين ، و لذلك فقد أخرجوا تاريخ الشعب الفلسطيني القديم من دائرة البحث كشعبٍ من شعوب الشرق الأدنى القديم ، و مركّزين تركيزاً شديداً على دراسة تاريخ (الإسرائيليين) ، و ذلك لتأصيل الوجود الصهيوني المزعوم في فلسطين ، باستبعاد الفلسطينيين الذين سميت المنطقة باسمهم .
و يبدأ تاريخ فلسطين عملياً لهؤلاء الكتاب فقط عند بدء تاريخ "إسرائيل" و عندما تصبح فلسطين في وفاقٍ و انسجام تامّين مع "إسرائيل" ، و السبب في ذلك لا يمكن أن نقول إن بؤرة التركيز هي على تاريخ "إسرائيل" ، أو الادعاء بأن سرد هؤلاء المؤرّخين للتاريخ يبدأ عند ظهور "إسرائيل" على مسرح الأحداث ، ذلك لأنهم جميعاً يعالجون فترات ما قبل ظهور "إسرائيل" أو (الإسرائيليين) ، و لكنهم جميعاً يرفضون بثبات استعمال تعبير "الفلسطينيين" للدلالة على المكان، حتى إن استعملوا تعبير فلسطين للدلالة على أشياء جامدة مثل : المكان المادي و الاقتصادي .
إن رفض استعمال صفة واحدة لنعت سكان المنطقة هو إذاً إنكار للوجود و للتاريخ الفلسطيني ، و لهذا فإن فلسطين توصف على أنها منطقة صغيرة و فقيرة و معزولة . و هذه أوصاف شائعة في الدراسات التوراتية ، ثم يتغير هذا الوضع وتصبح فلسطين مرموقة فقط بسبب الوجود التاريخي المزعوم لـ (إسرائيل) فيها ، و على هذا فإن الدراسات التوراتية متورّطة في تجريد الفلسطينيين من وطنهم ، و لهذا مقابل سياسي معاصر متمثل في السيطرة الصهيونية على الأرض و سلب الشعب الفلسطيني من أرضه و تصويره على أنه شعب بلا تاريخ أو تجريده من هذا التاريخ . و هكذا نرى أن الخطاب التوراتي يجعل الفلسطينيين شعباً غير ذي أهمية ، و في نهاية الأمر غير موجود .
يختلف الباحثون و الأثريون حول أصل الفلسطينيين ، فمنهم من يعتبرهم مجموعة من شعوب البحر ، و اعتبرهم آخرون أنهم من سكان فلسطين أصلاً و امتزجوا بمجموعات شعوب البحر الذين أثّروا في حضارتهم ، و أدخلوا عليها مواداً و عادات جديدة أصبحت متميزة في الكثير من مواقع الساحل الفلسطيني الجنوبية ، و ما زال النقاش محتدماً حول موطنهم الأصلي ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أصحاب الرأي الأول غالباً ما كانوا من التوراتيين أو المتأثرين بالدراسات التوراتية التقليدية .
عدل سابقا من قبل سامي في الجمعة أكتوبر 08, 2010 7:27 am عدل 1 مرات (السبب : ؟؟؟؟؟؟؟؟) | |
|